کد مطلب:240877 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:233

الاستدلال علی ما هناک لایکون إلا بما هاهنا
هذه من الحكم المستخرجة من المناظرة الطویلة بین الرضا علیه السلام و عمران الصابی التی رواها الصدوق قال علیه السلام:

«إیاك و قول الجهال من أهل العمی و الضلال الذین یزعمون أن الله جل و تقدس موجود فی الآخرة للحساب فی الثواب و العقاب و لیس بموجود فی الدنیا للطاعة و الرجاء، و لو كان فی الوجود لله عزوجل نقص و اهتضام لم یوجد فی الآخرة أبدا، و لكن القوم تاهوا و عموا و صموا عن الحق من حیث لایعلمون و ذلك قوله عزوجل: «و من كان فی هذه أعمی فهو فی الآخرة أعمی و أضل سبیلا» [1] یعنی أعمی عن الحقائق الموجودة و قد علم ذو و الألباب أن الاستدلال علی ما هناك لایكون إلا بما ههنا، و من أخذ ذلك برأیه و طلب وجوده و إدراكه عن نفسه دون غیرها لم یزدد من علم ذلك إلا بعد لأن الله عزوجل جعل علم ذلك خاصة عند قوم یعقلون و یعلمون و یفهمون». [2] .

إنما ذكرنا ما قبل كلمة: «الاستدلال علی ما هناك لایكون إلا بما ههنا» و بعدها لبیان ربطها.

من القیاس المقبول أن یستدل بوجود الشی ء السائغ فی حالة علی وجوده فی حالة أخری، لأن حكم الأمثال فیما یجوز و مالا یجوز سواء، و هذه قاعدة عقلیه مطردة فلو كانت الرؤیة سائغة لله عزوجل فی الآخرة كانت سائغة فی الدنیا أیضا و كذا وجوده تعالی عند الحساب فی الآخرة كان موجودا فی الدنیا عند الطاعة إذ لو فرض النقص هنا جاء النقص هناك أیضا لأن الحالتین متماثلتان لایمكن التفكیك بینهما فالزاعمون للتفكیك خاطئون لامحالة.

ثم إن الآخرة بمنزلة باطن الدنیا و هی ظاهر و لعل فی قوله تعالی: «یعلمون ظاهرا من الحیوة الدنیا و هم عن الآخرة هم غفلون» [3] إشارة إلی ذلك بأن یراد من



[ صفحه 47]



الآخرة باطنها، و علیه تدل الكلمة العلویة: «و اعلم أن لكن ظاهر باطنا علی مثاله» [4] و «اعقل ذلك؛ فإن المثل دلیل علی شبهه» [5] و من الكلمتین العلویتین یتجلی مقصود الكلام الرضوی من الاستدلال بما ههنا علی ما هناك إبطالا لدعوی الزاعمین وجود الله عزوجل عند الحساب فی الثواب و العقاب یوم القیامة و عدم وجوده تعالی فی الدنیا للطاعة و الرجاء.

و وجه البطلان أن الله تعالی إذا لم یكن بموجود فی الدنیا عند الطاعة لم یكن فی الآخرة عند الحساب أیضا لأن النقص الموجب لعدمه موجب للعدم هنا أیضا و حیث أن لانقص فی الوجود هنا لانقص فیه أیضا هناك و هو معنی تسویة الأمثال فی الحكم و اشتراك الباطن مع الظاهر و دلالة المثل علی شبهه و هذا أمر عقلی أوقل عقلائی و منه العلوی: «استدل علی ما لم یكن بما كان فإن الأمور أشباه» [6] .



[ صفحه 48]




[1] الإسراء72 6.

[2] التوحيد 438، عيون أخبار الرضا 141:1.

[3] الروم: 7.

[4] النهج 178:9، الخطبة 154.

[5] النهج 160:9.

[6] النهج 113:16، الوصية 31. إرشاد إلي ما يدركه العقل و العقلاء من إسراء حكم ثابت لموضوع إلي موضوع آخر يشاركه فيه. و نظير الكلمة كلمته عليه السلام الأخري: «فما أشد اعتدال الاحوال و أقرب اشتباه الأحوال» مصادر النهج 48:3، الخطبة 190. و قد ذكرنا الأولي في «الأمثال و الحكم العلوية» حرف الهمزة مع السين، مخطوط.